أيها الأحبة،
في كل موسم انتخابي، تتكرر المسرحية ذاتها، وكأن التاريخ يعيد نفسه في حلقة بلا نهاية:
وجوه تظهر فجأة، كفطر ينبت بعد المطر.
وخدمات تهبط علينا بالبَرَاشوت قبل الصندوق،
وبمجرد إغلاقه، تختفي كسرابٍ في صحراء اللاشيء.
المقرات الخدمية؟ تذوب أول ما يلمع الكرسي، كثلجٍ تحت شمس حزيران الحارقة.
الأتوبيسات التي كانت تحمل الطلبة؟ تتبخر كما يتبخر الندى عند طلوع الفجر.
الزيارات والمناسبات؟ ولا كأن الناس أكثر من نقطةٍ على الخريطة.
كأن بعض النواب والدائرة محطة مرور، يشحنون منها الأصوات ويمضون… كظلالٍ تمر على جدار صامت، لا أثر لها بعد أن تغيب.
ومع اقتراب موسم الانتخابات، تبدأ المعجزات الموسمية:
قوافل… كشوفات مجانية… مساعدات… هدايا…
تُنزل دفعة واحدة كعيدية الأطفال،
وبعد الانتخابات؟ تختفي فجأة، كسرابٍ لا يُدرك.
أما المؤيدون… فحدّث ولا حرج:
فيهم من يرى الانتخابات مهنة موسمية،
وفيهم من ينتظر رزقه،
وفيهم الطيب الغلبان الذي يصدق كل كلمة لأنه حسن النية.
أما الوعود؟ تعيش فقط حتى يوم الفرز، ثم تتلاشى كالفقاعات في الهواء.
تذكّروا قول القيادة السياسية:
الذي يشتري صوتك… لن يشتري راحتك.
والذي يدفع ليصل… سيدفعك أنت الثمن بعد ذلك.
التاجر معروف… لا يصرف جنيهًا إلا وهو ناوي استرجاعه عشرة أضعاف.
ولو صرف ملايين… فسيستردها من أين؟ من جيب المواطن، من خدماته، من قوت أولاده… خمس سنين كاملة!
أما المنتفعون… غالبًا أخذوا نصيبهم ومطنشين.
لكن أنت… أنت الذي سيعيش النتيجة،
أنت الذي ستشهد الخدمة أو الغياب،
أنت الذي ستدفع الثمن… أو تجد الخير.
اختاروا بحكمة:
من المتواجدين طول السنة… لا من يظهر يومين قبل الصندوق.
من يخدم… لا من يستثمر.
من يعتبر المنصب مسئولية… لا مشروع رأس مال.
الصوت الذي يُباع… يتحول لفاتورة خمس سنين.
والصوت الذي تحفظ عليه… قد يغيّر حياة بيت كامل.
رسالة إصلاحية وطنية:
نحتاج نظامًا انتخابيًا يضمن تمثيلًا حقيقيًا للشعب،
ويقلل تأثير رأس المال،
ويبعد التجارة السياسية عن حياة الناس.
الأفضل: النظام المختلط:
جزء قائمة نسبية يعكس المجتمع وتنوعه،
وجزء فردي يختار الناس منه من يعرفونه،
نظام يحقق العدالة، يقوي البرلمان، ويحمي إرادة الشعب..
أيها الأحبة :
إن كل ما سبق رأي عام ونقد سياسي مشروع…
لا يخص شخصًا، ولا دائرة، ولا جهة.
والحرية لكل مواطن في اختياره…
والوعي هو السلاح الأول.
ويظل لكل مواطن الحق الكامل في اختيار من يمثله، واتخاذ القرار بما يراه مناسبًا لحمل الأمانة والمسؤولية الوطنية.
ويعكس هذا النص وجهة نظر الكاتب في أهمية الشفافية والمصداقية، والالتزام الدائم بالواجب تجاه الدائرة الانتخابية، دون المساس بأي حقوق أو سمعة لأي فرد.
وقد أكّد فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي على حرص المواطنين على ممارسة حقوقهم الديمقراطية والنزاهة في الانتخابات، فقال:
“اللي بيدي كوبون أو بيدفع علشان يتم انتخابه، ده شخص جاهل وأحمق.
انت لو انتخبته يبقى بتمكّنه من ١٢٠ مليون.”
لذلك… لا تنتخبوا الجاهل الأحمق.
واختاروا من تثقون في قدرته على خدمة الدائرة بصدق ومصداقية طوال فترة ولايته، لا لموسم انتخابي مؤقت.

