تلقينا من الدكتور ياسر بغدادي خبير الصناعات النفطية، رسالة تعقيباً على مقال الأمس “بيع أصول لوك أويل” ..فرصة صنعها القدر لمصر، جاء فيها :
يعكس الخبر فرصة لافتة في سوق الطاقة قد لا تتكرر كثيراً، ويمكن لمصر أن تستفيد منها إذا جرى التعامل معها بقدرٍ من الحكمة وبناء تحالفات مدروسة تقلل من المخاطر المالية والسياسية. فالدخول في طرح بيع أصول كبرى لشركتين بحجم “لوك أويل” و”روسنفت” يحتاج قبل أي خطوة إلى تقييم حقيقي لطبيعة الأصول المطروحة، وفهم دقيق للجوانب القانونية والسياسية المرتبطة بالعقوبات، إلى جانب وجود تنظيم مالي قادر على تأمين التمويل اللازم دون تحميل الدولة أو الشركات أعباءً غير محسوبة.
وإذا توافرت هذه المتطلبات، فإن مصر تمتلك قطاع بترول متمرساً في العمل الإقليمي والدولي، وشركات وطنية راكمت خبرات واسعة تسمح لها بإدارة أصول خارجية بكفاءة. ومن هنا يمكن النظر إلى هذه الفرصة باعتبارها من أهم الطروحات التي قد تحقق عائداً اقتصادياً وسياسياً ملموساً. فامتلاك أصول إنتاجية أو تسويقية خارج الحدود ينعكس مباشرة على أمن الطاقة داخل البلاد، ويوفر مصادر أكثر استقراراً لتدفقات النقد الأجنبي، ويخفف من تأثير تقلبات أسعار النفط العالمية على الميزانية وتكلفة الاستيراد.
كما أن مثل هذه الخطوة تعزز حضور الشركات المصرية في الدول العربية والأفريقية، وتفتح أمامها مجالات جديدة في التشغيل والخدمات البترولية والهندسية، بينما تمنح الدولة ثقلاً أكبر في ملفات الطاقة الإقليمية. ومع دخول القطاع الخاص الوطني إلى جانب الكيانات الحكومية، تزداد فرص بناء تحالفات حقيقية مع شركات عالمية كبرى، بما يعطي مصر مساحة أوسع للتحرك والتفاوض.
وإلى جانب ذلك، تستطيع مصر الاستفادة من عضويتها في عدد من الهيئات والكيانات العربية المانحة للتمويل، وفي مقدمتها صندوق الطاقة العربي (أبيكورب)، الذي يمكن أن يسهم في توفير جزء من التمويل اللازم أو ضماناته، بما يخفف الضغط على الموارد المحلية ويعزز القدرة على تحويل الفرصة إلى مشروع قابل للتنفيذ.
بهذا الشكل، يصبح الطرح فرصة متكاملة الأبعاد تجمع بين المكاسب الاقتصادية المباشرة والامتداد الإقليمي، ويمكن أن تتحول إلى خطوة مهمة لمصر إذا جرى استثمارها ضمن رؤية واضحة وتحالفات قادرة على إدارة المخاطر وتحقيق العائد المطلوب
