13 ديسمبر، 2024
البترول مقالات

عبدالنبي النديم يكتب: من يطفئ نار الفتنة في دمشق !!!

هل نجت سوريا من موجة ثورات الربيع العربي الأولى التي اجتاحت الدول العربية؟ أم أن الأحداث التي شهدتها مدن الدولة السورية خلال العقد الماضي كانت مستمرة حتى جاء السقوط السريع للعاصمة دمشق؟ هل تخلى الجيش السوري عن بشار الأسد بعد أكثر من ١٤ عام من الحروب مع الجماعات الإرهابية وفي مقدمتها تنظيم داعش؟ هل الذين يهللون للسقوط السريع لنظام بشار الأسد على حق أم يعيشون نشوة نصر الكاذبة؟ وهل تخلى حلفاء الأسد عنه وفي مقدمتهم روسيا وإيران نتيجة توازنات للقوى وتبادل للمصالح؟ … كل هذه الأسئلة وغيرها تدور في مختلف شوارع العواصم والمدن العربية تبحث عن إجابة، وتحدث الخبراء والسياسيين وكل يسير الأمور في الإتجاه الذي ينتمي إليه، ولكن في النهاية نحن الآن أمام حقيقة على أرض الواقع وهو سقوط نظام الرئيس بشار الأسد..

يجب أولا أن نكون على يقين أن ما حدث من سقوط سريع جدا ومتتالي للمدن السورية في خمسة أيام لم يأت نتيجة للفوضى الخلاقة المتهمة دائما في مثل هذه الأحداث، فتتابع الأحداث بشكل سريع من اشتعال في حلب وانتقال الهجمات إلى إدلب، ثم السيطرة على حماة ثم انتقلت الأحداث بدورها إلى حمص، ثم أخيرا تسقط دمشق ويفر بشار الأسد إلى روسيا، فهذا السقوط السريع أشبه بمبنى ضخم انهارت أركانه واحد تلو الآخر، نتيحة هزة عنيفة ومؤامرة محكمة تعرضت لها الدولة السورية، ومخطط مرسوم بدأ مع بدايات «الخريف العربي»، ولكنه صمد حتى جاءت الموجة الأخيرة، بدعم من حلفاء النظام السوري روسيا وايران، الذين كان لهم الفضل في استمرار نظام بشار الأسد حتى الآن، ولم يتخلوا عنه حتى بعد هروبه من دمشق ومنحته روسيا حق اللجوء الإنساني هو وأسرته.
إن ما تم من مخططات الاسقاط للدولة السورية، تم الإعداد لها على المدى الطويل، نتيحة الدعم الروسي اللا محدود باعتبار سوريا حليف عسكري لروسيا، ولكن الغريب هو عملية التحول داخل الجيش السوري الذي اختفى من المشهد بشكل مثير للدهشة، ويتابع الاحداث مثله مثل باقي المواطنين، فهل هو إنقلاب عسكري داخل الجيش السوري ضد بشار؟ أم أن الجيش تم استهلاكه خلال الأربعة عشر عاما الماضية بين رحى الصراعات الدائرة في الجبهة الداخلية واشتعال المنطقة على الحدود السورية؟
فكل الأخبار التي يتم تسريبها من داخل دائرة الصراع السورية، تصرح بأن قيادة الجيش السوري طلبت من قواتها في حمص ودمشق الاستسلام وإلقاء السلاح وترك مواقعهم العسكرية، الأمر الذي أدى إلى السقوط السريع والمدوي للمدن السورية من حلب إلى إدلب، ومن ثم حماة فحمص ليسقط النظام بسقوط دمشق، ولم يظهر الجيش السوري منذ هروب بشار الأسد، فلا أحد يجزم بأن قيادة الجيش السوري قامت بالإنقلاب العسكري، ولا تستطيع أن تجزم بوجود خيانة عظمى للجيش.
وعلى الرغم من أن ضبابية المشهد لا تستطيع الآن أن تحزم الأمور بما تم من أحداث، ولكن الأقرب إلى العقل والفكر السليم، أن هناك خيانة تمت بمؤمراة ومخطط مرسوم، بتواطؤ مع الأجندات الخارجية، من خلال عملية منظمة، بالتأكيد ستظهر مع تتابع الأحداث الجارية على الساحة السورية خلال الفترة المقبلة..
أن سوريا قبل هذه الأحداث ستختلف عن سوريا بعد هذه الأحداث، بما تواجهه من خطر تقاسم أراضيها طبقا لأهواء الجماعات المتناحرة وتبعيتها للانظمة التي جندتها أو للدول المجاورة،  صاحبة الأطماع في الاراضي السورية، فلا نستبعد أن تختفى سوريا من على خريطة المنطقة السياسية، فسوريا لن تعود كما يزعم البعض للسوريين ولكنها سقطت في غيابات الصراعات والنزاعات، والتي تصب في النهاية لمخطط الشرق الاوسط الكبير، الذي أيقظته بعد موته  أحداث السقوط المدوي لدمشق، فسوريا الآن على طريق الضياع السريع، وهذه الفوضى المنظمة وليست الخلاقة، ستستمر لفترة قد تمتد لسنوات من الصراع، سوريا الآن تحتاج الى المنقذ الذي يقود جبهتها الداخلية، وإطفاء نار الفتنة المتأججة بين نسيج الشعب السوري، والقادر على لم الشتات ودحر المخططات الخارجية، والتوحد حول هدف واحد هو إنقاذ ما يمكن إنقاذه..
وللحديث بقية ما دام في العمر بقية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *