مواقع التواصل الاجتماعي.. عالم افتراضي وهمي، مليء بالخبايا والجحور، يسكنه السواد الأعظم من الذئاب البشرية والعقارب والثعابين المتربصة، سواء بالوطن أو بالمواطنين، ينتظرون الصيد السهل فينقضون عليه، ليقع فريسة في يد من لا يرحم..
فعلى الرغم من أن مواقع التواصل الإجتماعي جاءت نتيجة التقدم المذهل فى التكنولوجيا الحديثة، والتطور الرهيب الذي يقع على الشبكة العنكبوتية كل دقيقة، ومن لا يلحق بركب هذا التطور أصبح جاهلا بمنطق العلم الحديث مهما كانت درجته العلمية، فالنزول إلى بحور مواقع التواصل تحتاج إلى إجادة السباحة وإلا كان الغرق المصير المحتوم.
فالدخول إلى هذا العالم الإفتراضي المليء بحقول الألغام والفخاخ لغير العالم بدروبها، يكون صيدا سهلا وثمينا للمتربصين لهؤلاء الضحايا، فهؤلاء الذئاب المتربصة على مواقع التواصل الاجتماعي أختاروا الجانب المظلم لهذه الثورة التكنولوجية، وأجادوا الصيد في ظلمات ودهاليز هذه المواقع، التي يجب أن يكون كل فرد على وعي وعلم بها قبل الدخول إليها، حتى لا يقع فريسة لهؤلاء المتاجرين بأعراض الناس، لتمتلئ المحاكم وتتكدس بالقضايا التي لم نسمع بها من قبل، أو ينفذون أجندات خارجية من طيور الظلام التي تتربص بالوطن.
فهذه الذئاب البشرية المتربصة نزعت من قلوبهم كل معالم الإنسانية، ولا يعرفون معنى للرحمة والرأفة، مجرمون ينصبون شباكهم لصيد الفتيات، ونساء ضللن الطريق إلى الغواية واصطياد الرجال، حتي تحولت مواقع التواصل إلى سوق نخاسة وبيع المتعة الوهمية، التى أصبحت سببا رئيسيا في خراب البيوت وزيادة نسبة الطلاق وانتشار الجريمة خاصة جرائم النفس من قتل وجرح وضرب.. وغيرها من الجرائم المترتبة على الإستخدام السيئ لمواقع التواصل الإجتماعي.
وعلى الرغم من المكاسب الكبيرة التي عادت على الإنسانية من التطور التكنولوجي، وانتشار مواقع التواصل الإجتماعي، التي حولت العالم إلى قرية صغيرة، فتحولت المسافات الطويلة بين الدول قصيرة لدرجة لا تحتاج إلا لضغطة صغيرة على لوحة مفاتيح المحمول لينتقل العالم بحجمه الهائل داخل هذه الشاشة الصغيرة بين يديك.
ولكن .. جمح الجميع خلف الجانب المظلم لهذه الثورة التكنولوجية، وتركوا الصالح منها، ولهثوا وراء المتعة الوهمية التي سيطرت على كافة مفاصل حياتهم، حتى أصبحت ضيفا مستمرا بين أفراد الأسرة الواحدة، حتى وصلت إلى غرف النوم الخاصة في الكثير من الأحيان، ليؤكد بما يدع مجالا للشك أن حروب الجيل الرابع والخامس هى تدمير للدول بدون طلقة واحدة، وتوجية الشعوب والمجتمعات أصبح مطية الإستعمار الجديد للسيطرة على الدول الأخرى، نتيجة السعار المجنون خلف مواقع التواصل الاجتماعي، التي أصبحت مثل «النداهة»، التي تسلب الفرد من أرادته، ليترك كل ما حوله وينصاع راضخا لتوجيهاتها.. وهذا ما يعاني منه المجتمع الآن، من أكاذيب وشائعات تنشرها اللجان الألكترونية المأجورة من أهل الشر لزعزعة الإستقرار وإثارة القلق والفتنة في البلاد، بطريقة دس السم في العسل.
وعلى الرغم من أن المشرع المصرى جرم هذه الأفعال المشينة التي يتم ارتكابها على فضاء العالم الوهمي، إلا أن التجريم لم يرقى حتى الآن لعظم الجرم الذي يرتكب، حيث نص المشرع على أن كل إزعاج للغير تسبب بالضرر وفى الحقيقة لا يعلم الكثيرين من رواد العالم الافتراضي إن القانون يعتبرك مسئولاَ عن صفحتك الشخصية علي مواقع التواصل الاجتماعي، لذا أنت تتحمل كامل المسئولية القانونية عن محتوياتها، وإن قمت بنشر ما يعد مخالفاً للقانون فهذا قد يقودك للحبس.
فالواقع الإلكتروني والعالم الافتراضي أفرز العديد من التجاوزات عن طريق الاستخدام غير المشروع لمواقع التواصل الاجتماعي، فتحول بعضها إلي الدعوة للإعتداء علي الحريات الشخصية وشرف الأشخاص، واعتبارهم مخالفين النظام العام أو الآداب العامة، سواء كان الإتصال مباشرا من هاتف محمول أو أرضى إلى هاتف محمول أو أرضى آخر أو بإرسال رسالة نصية أو صوتية أو فيديو أو صورة أو رسما أو قصة بذيئة أو تحمل تلميحات جنسية أو تنطوى على ما يخدش الحياء أو الشرف والاعتبار أو من خلال أى من برامج الاتصال أو الدردشة مثل واتس آب أو عبر الإيميل أو على صفحة من صفحات التواصل الاجتماعى، أو من خلال الفيديو كول أو البريد الصوتى ما دام الإتصال من خلال جهاز من أجهزة الاتصالات أيا كان شكله أو إسمه، تصل العقوبه للحبس والغرامه والتعويض..
فمع انتشار جرائم المعلومات، لزم على الدولة تشديد العقوبة لإساءة إستخدام التكنولوجيا لما لها من أضرار عظيمة، بعد أن أصبح الفيس بوك إدمانا مثل المخدرات والكحوليات وافقد الكثيرين لذة الحياة، مصدرا الأرق والإكتئاب والخوف وقلة النوم، وعلى العقوبة أن تتناسب مع حجم الجرائم المرتكبة التي تؤثر على المجتمع بشكل غير مسبوق..
مقالات
ياسر أبو الخير يكتب: مواقع «التفاصل» الاجتماعي ..دهاليز وجحور الذئاب البشرية
- by ahmed alnadeem
- 20 يناير، 2025
